تونس تدفع بأجندة الرقمنة إلى الأمام وسط تحديات الخصوصية والمخاطر

وصل التحول الرقمي في تونس إلى مرحلة حاسمة مع تنفيذ "E-Houwiya" (هويتي)، وهو نظام هوية رقمية معترف به من قبل الدولة. يهدف نظام "هويتي"، الذي يعد ركيزة أساسية في استراتيجية البلاد الرقمية لعام 2025، إلى تحسين الشمول المالي من خلال توفير وصول آمن إلى الخدمات المصرفية والتكنولوجيا المالية مع تسهيل المصادقة على المنصات الحكومية الرقمية. ومع ذلك، أثار الدفع الأوسع لتونس نحو الرقمنة، بما في ذلك جهود الهوية البيومترية ومنصات الخدمات الرقمية، مخاوف كبيرة بشأن الخصوصية وأمن البيانات.
ثورة الهوية الرقمية في تونس: نظام "هويتي"
تم إطلاق نظام "هويتي" في تونس في أغسطس 2022، وهو نظام هوية رقمية على مستوى البلاد يهدف إلى توفير هوية آمنة ومعترف بها من قبل الدولة عبر الإنترنت. أصبح تطوير الهوية الرقمية "هويتي" ممكنًا بفضل التعاون بين الحكومة التونسية وأكاديمية الحكومة الإلكترونية الإستونية (eGA). في عام 2022، وقعت وزارة تكنولوجيات الاتصال التونسية و eGA مذكرة تفاهم لتعزيز التحول الرقمي وتطوير مشهد الهوية الإلكترونية.
يتماشى نظام الهوية الرقمية "هويتي"، الذي تم تطويره تحت إشراف الدكتور نزار بن ناجي، مع استراتيجية تونس الرقمية لعام 2025 من خلال زيادة الشمول المالي وتأمين المعاملات عبر الإنترنت. تم دمج النظام الآن في القطاعات المصرفية، مما يسمح بالانضمام عن بُعد، والامتثال لمتطلبات "اعرف عميلك" (KYC)، والمعاملات المالية الآمنة. يضم نظام "هويتي" 200,000 مستخدم للهوية عبر الهاتف المحمول، بما في ذلك 15,000 تونسي يعيشون في الخارج، ويوفر مصادقة سلسة وتوقيعات رقمية ووصولاً عبر الإنترنت إلى الخدمات الحكومية. يعمل كنظام تسجيل دخول موحد (SSO) لبوابات مثل E-Bawaba و E-CNAM، مما يبسط وصول المستخدم ويقلل من تشتت البيانات.
تعتبر "هويتي" توقيعًا رقميًا صالحًا قانونيًا ومكافئًا للتوقيعات المكتوبة بخط اليد، ويتم إصداره من خلال التحقق الآمن. يعزز الوصول إلى الحكومة الإلكترونية مع حماية أمن وخصوصية البيانات. على الرغم من أن تنفيذه أصبح ذا أهمية متزايدة للخدمات الرقمية، إلا أنه لتحقيق الاستدامة، يجب على "هويتي" توسيع قاعدة مستخدميه بسرعة. مع تقدم تونس في التحول الرقمي، يعمل هذا النظام كأساس للتفاعلات الآمنة والفعالة والشاملة عبر الإنترنت.
خطط الرقمنة ومخاوف الخصوصية المثارة
أشار تقرير حديث صادر عن منظمة Access Now إلى أن التقدم في التحول الرقمي في تونس، والمتمثل في ثلاثة برامج رئيسية (مشروع الهوية البيومترية، الهوية المتنقلة "هويتي"، ومنصة تعويضات الدعم)، يثير تساؤلات ومخاوف تتعلق بالخصوصية وأمن البيانات وحقوق الإنسان. وذكر التقرير أن هذه المشاريع، التي يرى أنها طُورت بشفافية ومشاورة عامة محدودة، قد تحمل في طياتها احتمالية لزيادة المراقبة أو مخاطر متعلقة بسرقة الهوية أو استغلال البيانات.
ويضيف التقرير أن مشروع الهوية البيومترية المقترح، والذي يكتنفه بعض الغموض حسب وصف التقرير، قد يتطلب من المواطنين تقديم بيانات بيومترية لوزارة الداخلية. ويرى التقرير أن لوائح حماية البيانات الحالية في تونس، بالإضافة إلى حوادث هجمات سيبرانية سابقة، تجعل أمن قاعدة البيانات البيومترية مصدر قلق. وفي الوقت نفسه، يشير التقرير إلى أن نظام الهوية المتنقلة "هويتي" يفتقر إلى الوضوح الكافي بشأن تفاصيل إدارة البيانات والضمانات القانونية وآليات المراقبة، مما يثير، حسب التقرير، مخاوف بشأن إمكانية تجاوز الحكومة لصلاحياتها أو استغلال المعلومات الشخصية.
كما ذكر التقرير أن منصات تعويض الدعم، المصممة لتسهيل التحويلات النقدية، لم تتبع الإجراءات المنصوص عليها في قوانين خصوصية البيانات بشكل كامل، حيث لم تقم السلطات المعنية باستشارة الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية (INPDP) لإجراء تقييمات الأثر المطلوبة قانونًا. ويرى التقرير أنه بدون ضمانات أمنية قوية، فإن هذه المبادرات قد تثير مخاوف من أن تُستخدم لأغراض الرقابة بدلاً من التمكين. ويوصي التقرير بضرورة تحديث قوانين الخصوصية، وتعزيز الشفافية، وإشراك المجتمع المدني لضمان توافق المشاريع الرقمية مع حقوق المواطنين.
الكشف عن استراتيجية التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي
تعمل تونس على تطوير خططها للهوية الرقمية والذكاء الاصطناعي لتحديث الخدمات العامة وتعزيز اقتصادها الرقمي، وفقًا لوزير تكنولوجيات الاتصال سفيان الهميسي. تركز خطة تونس على رقمنة الخدمات الحكومية، وتحسين البنية التحتية الرقمية، وتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم. ستدعم استراتيجية الذكاء الاصطناعي، المقرر إطلاقها في عام 2025، البيانات المفتوحة والصناعات التكنولوجية. تحتل تونس المرتبة الثامنة في إفريقيا في تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وفقًا للاتحاد الدولي للاتصالات وتتصدر شمال إفريقيا في الحكومة الإلكترونية وفقًا للأمم المتحدة.
الاستراتيجية الرقمية والشراكات العالمية الرئيسية
يسلط تقرير حديث الضوء على أن مشهد الشركات الناشئة في تونس عزز الشراكات العالمية في عام 2024، لا سيما في التحول الرقمي والمدفوعات والهوية الرقمية. ساعد التعاون مع الاتحاد الأوروبي والبنك الإفريقي للتنمية ومسرعات الأعمال مثل Flat6Labs و Seedstars في دعم الابتكار في التكنولوجيا المالية والتكنولوجيا الزراعية والتكنولوجيا الصحية. قام البنك المركزي والاستراتيجية الوطنية للشمول المالي برعاية التكنولوجيا المالية، التي جمعت 150 مليون دولار أمريكي لمعالجة الشمول المالي من خلال المحافظ الرقمية وأنظمة الدفع.
في خطوة أخرى، ناقشت تونس والصين تعزيز تعاونهما في التحول الرقمي، مع التركيز على البنية التحتية للاتصالات والذكاء الاصطناعي. وبالمثل، تستكشف تونس وإيطاليا التعاون لتعزيز التحول الرقمي، مع التركيز على الابتكار وريادة الأعمال وتطوير الشركات الناشئة.
علاوة على ذلك، تعاونت Uqudo مع تونس لتوفير التحقق الآمن من الهوية الرقمية لجوازات السفر وبطاقات الهوية الوطنية، وبالتالي تعزيز الامتثال لمتطلبات "اعرف عميلك" (KYC) ومكافحة غسيل الأموال (AML). تستخدم Uqudo الذكاء الاصطناعي والقياسات الحيوية وتحليل المستندات المعرفي لاستخراج بيانات الهوية والتحقق منها.
أسست الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) مركز التحول الرقمي في تونس نيابة عن الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية. تعاون المركز بشكل وثيق مع الحكومة التونسية لتنفيذ الاستراتيجية الرقمية الوطنية وتعزيز التحول الرقمي في تونس قطاعيًا.
المصدر: غلام شابير أرين، Biometric Update
ناقش مشروعك معنا
نحن هنا للمساعدة في احتياجات تطوير الويب الخاصة بك. حدد موعدًا لمناقشة مشروعك وكيف يمكننا مساعدتك.
دعنا نجد أفضل الحلول لاحتياجاتك.